هكذا مارس أحمد بناني الدبلوماسية الموازية في الرياضات البحرية

في الوقت الذي كانت فيه الدبلوماسية المغربية الرسمية تُعنى بالملفات الكبرى في المحافل الدولية، كان هناك جنود مجهولون يخدمون صورة الوطن من مواقع غير تقليدية، وبأساليب هادئة وفعّالة. من بين هؤلاء يبرز اسم أحمد بناني رئيس النادي الملكي للزوارق الشراعية بطنجة، الرجل الذي استطاع أن يجعل من الرياضات البحرية أداة راقية لـ ممارسة الدبلوماسية الموازية، دون خطابات سياسية أو بروتوكولات رسمية، بل عبر الرياضة، والانفتاح، والاحترام المتبادل.

أحمد بناني، أحد الوجوه البارزة في مجال الرياضات البحرية بمضيق جبل طارق، لم يكن مجرد رياضي أو منظمٍ للمنافسات، بل كان سفيراً غير رسمي للمغرب في كل لقاء دولي أو بطولة استضافتها مياه الشمال. بفضل حضوره القوي وحنكته في التواصل، استطاع أن يعرّف بالعَلَم المغربي في ساحات كانت إلى وقت قريب حكراً على الأوروبيين، وأن يفتح جسور تواصل بين جمعيات رياضية من الضفتين، حول قيم البحر، البيئة، والتعاون الرياضي.

لم يكن اهتمامه بالبحر مجرد هواية، بل رؤية متكاملة تقوم على فكرة أن الرياضة يمكن أن تكون لغة سلام وتواصل دبلوماسي، خصوصاً في فضاء مثل مضيق جبل طارق الذي يربط بين قارتين وحضارتين. فقد نجح بناني، عبر مبادراته في التجديف وسباقات القوارب الشراعية، في تنظيم تظاهرات جمعت رياضيين من المغرب، إسبانيا، فرنسا، والبرتغال، رافعاً شعار: “الماء يوحّد أكثر مما يفرّق”.

أبرز محطاته كانت تنظيمه لملتقيات دولية في طنجة والمضيق، حيث لم تكن اللقاءات مجرد سباقات، بل فضاءات حوارٍ غير مباشر حول قضايا البيئة البحرية والتبادل الثقافي، ما جعلها تحظى بدعمٍ من مؤسساتٍ دبلوماسية وسفاراتٍ أجنبية رأت في هذه الأنشطة فرصة لتعزيز التعاون بين الشعوب. أحمد بناني كان يدرك أن صورة المغرب لا تُبنى فقط في القاعات الرسمية أو المؤتمرات، بل أيضاً في الموانئ، وعلى الشواطئ، وبين الشباب الذين يرفعون راية الوطن في المنافسات الدولية.

لقد مارس الدبلوماسية الموازية بذكاء، عبر القيم الرياضية، والتسامح، والانفتاح، والإصرار على تمثيل بلده بأفضل وجه ممكن. اليوم، وبعد سنوات من العطاء في مجال الرياضات البحرية، يمكن القول إن أحمد بناني ترك بصمة واضحة في مجالٍ يجمع بين الشغف والوعي الوطني. بصمته ليست فقط في النتائج أو الألقاب، بل في الرسالة التي حملها.