ما وراء دراسة كتابة الدولة للصيد البحري حول شباك صيد الأسماك السطحية الصغيرة ؟

زكية الدريوش- كاتبة الدولة المكلفة بقطاع الصيد البحري

في خطوة تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية المحافظة على الثروات البحرية وتدبيرها بعقلانية، أطلقت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري دراسة ميدانية شاملة تهم الشباك المستعملة من طرف مراكب الصيد الساحلي، وبالخصوص تلك النشيطة في صيد الأسماك السطحية الصغيرة، وعلى رأسها السردين. وتأتي هذه المبادرة في سياق متسم بارتفاع الأصوات الداعية إلى ترشيد استغلال الموارد البحرية، وتجاوز منطق الصيد الجائر، الذي طالما شكل تهديدًا حقيقيًا للتوازن البيئي البحري وللأمن الغذائي الوطني.

الدراسة الجديدة، التي تهم بالأساس التعرف على نوع الشباك المستعملة، وطولها، وخصائصها التقنية، تفتح الباب أمام تقييم علمي وعملي لمدى ملاءمة هذه الأدوات مع المعايير البيئية والإنتاجية. إذ لم يعد مقبولًا في زمن الأزمات المناخية والتحديات البيئية أن يستمر الصيد البحري في الاشتغال بأدوات قد تُسهم في استنزاف مخزون الأسماك أو تُضر بالأنظمة الإيكولوجية البحرية الهشة.

كما أن هذه الخطوة قد تُؤسّس لمراجعة شاملة لأنماط الصيد من خلال المعطيات التي ستسفر عنها الدراسة، ما من شأنه أن يعزز الحوكمة الجيدة في القطاع، ويرفع من مردودية الصيد بطريقة تضمن الاستمرارية والاستدامة. فمن خلال معرفة دقيقة بنوع الشباك وطبيعة استخدامها، يمكن للجهات الوصية تقييم الأثر البيئي والاقتصادي لهذه الأدوات، واقتراح بدائل أكثر نجاعة إن اقتضى الأمر، دون المساس بمكتسبات المهنيين أو قوتهم اليومية.

ورغم التحديات التي قد تواجه تنزيل نتائج هذه الدراسة على أرض الواقع، فإن من شأنها أن تمهد لتعاقد جديد بين الدولة والمهنيين مبني على الثقة والمعرفة المشتركة، بدل القرارات الفوقية أو العشوائية. كما أن إشراك المهنيين في هذه الدراسة يمثل فرصة لإعادة ربط الصلة بين الإدارة والبحارة، في أفق بناء رؤية تشاركية لتحديث القطاع وتعزيز تنافسيته.

إن هذه المبادرة، وإن بدت تقنية في ظاهرها، تحمل في طياتها مؤشرات إيجابية على تحوّل في منهجية العمل لدى الإدارة الوصية، من التدبير الانطباعي إلى التسيير العلمي المعتمد على المعطيات الميدانية. وهو توجه ينسجم مع طموحات المغرب في مجال الاقتصاد الأزرق، ومع التزاماته الدولية في الحفاظ على المحيطات واستغلالها بشكل مستدام. وبالتالي، فإن أي خطوة تُبنى على المعرفة والتحليل، تظل خطوة في الاتجاه الصحيح، نحو قطاع بحري أكثر توازنًا، إنتاجية، وعدالة.

خاص- البحر24

شاهد أيضاً

منع مؤقت لصيد أصناف بحرية بالمنطقة المتوسطية عرض “رأس الشوكات الثلاث” ل 10 سنوات

  أصدرت كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *