البحر 24 نافذتكم على عالم البحر وشؤونه
تُعد أحواض نجارة المراكب في الموانئ المغربية عنصراً حيوياً في دعم قطاع الصيد البحري، حيث تساهم بشكل مباشر في صيانة وتجديد الأسطول البحري الوطني. وتوفر هذه الأحواض خدمات ضرورية للصيادين، بدءاً من إصلاح الهياكل الخشبية والمعدنية للمراكب، وصولاً إلى عمليات الطلاء والعزل والتقوية التي تضمن استدامة السفن وتحسين أدائها في مواجهة الظروف البحرية القاسية.
وتكتسي هذه الأحواض أهمية كبرى نظراً لدورها في الحفاظ على سلامة المراكب وإطالة عمرها الافتراضي، مما يحد من التكاليف الباهظة التي قد يواجهها الصيادون عند الحاجة إلى اقتناء سفن جديدة. كما أن هذه الورشات توفر فرص عمل لمئات الحرفيين المهرة، الذين يمتلكون خبرات تراكمت على مدى أجيال في هذا المجال، مما يعزز من الاقتصاد المحلي ويرسخ التراث البحري المغربي.
ورغم أهميتها، تواجه أحواض النجارة بالموانئ المغربية تحديات متعددة، من أبرزها تراجع بعض الورشات التقليدية بسبب تطور الصناعة البحرية الحديثة، وارتفاع كلفة المواد الأولية، فضلاً عن تأثير بعض القوانين البيئية التي تفرض معايير صارمة على استخدام بعض المواد. كما أن التوسع العمراني وضغط المشاريع الاستثمارية الكبرى في بعض الموانئ يحد أحياناً من المساحات المخصصة لهذه الأنشطة، مما يفرض تحديات إضافية على الحرفيين العاملين في المجال.
ولتفادي تراجع دور هذه الأحواض، بات من الضروري العمل على إدماج التقنيات الحديثة في ورشات النجارة، مع الحفاظ على المهارات التقليدية التي تمثل جزءاً من الهوية البحرية المغربية. كما يمكن تعزيز هذه الصناعة من خلال سياسات دعم موجهة، تشمل تسهيلات تمويلية للصيادين وأصحاب الورش، إضافة إلى برامج تكوينية لتأهيل جيل جديد من الحرفيين القادرين على مواكبة التحولات التقنية دون المساس بجودة وكفاءة أعمال النجارة البحرية.
تظل أحواض نجارة المراكب جزءاً لا يتجزأ من منظومة الصيد البحري بالمغرب، ولضمان استمرارها في أداء دورها الحيوي، لا بد من تضافر جهود جميع المتدخلين في القطاع، من سلطات وصيادين وحرفيين، بهدف تحقيق توازن بين التطوير الصناعي والحفاظ على هذا الموروث التقليدي العريق.
البحر24- خاص
