السردين المعلب.. عمود الاقتصاد الأزرق وصناعة التحويل بالمغرب

السردين المعلب يعتبر من أبرز المنتجات البحرية التي ترتبط بهوية المغرب الاقتصادية والغذائية. يتميز المغرب بموقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يتيح له الوصول إلى مصايد غنية على طول واجهتيه البحريتين الأطلسية والمتوسطية، مما جعله واحدًا من أكبر مصدري السردين المعلب عالميًا.

مساهمة السردين في الاقتصاد الوطني

السردين يحتل مكانة خاصة في قطاع الصيد البحري بالمغرب، حيث يمثل حوالي 62% من الإنتاج الإجمالي للأسماك. ويتم توجيه نسبة كبيرة من هذا الإنتاج إلى مصانع التحويل، حيث يخضع السردين لعمليات دقيقة تشمل التنظيف، التمليح، التبخير، التعليب، ثم التصدير.
تساهم هذه الصناعة بشكل مباشر في توفير الآلاف من فرص العمل، سواء في مرحلة الصيد أو في المصانع التي تنتشر في مدن مثل أكادير، العيون، وآسفي.

الجودة والمكانة الدولية

تشتهر العلامات التجارية المغربية لجودة سردينها المعلب، حيث يُحترم المنتج المغربي في الأسواق الدولية لما يتميز به من نكهة فريدة ومعايير صحية صارمة. وقد مكن ذلك المغرب من احتلال المرتبة الأولى عالميًا في تصدير السردين المعلب، معتمدًا على اتفاقيات دولية للتجارة الحرة تربطه ببلدان الاتحاد الأوروبي وأفريقيا وآسيا.

تحديات القطاع

رغم النجاح الباهر، يواجه قطاع السردين المعلب تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة. فالصيد الجائر والتغيرات المناخية يشكلان تهديدًا حقيقيًا للمخزون السمكي. لذلك، وضعت الحكومة المغربية سياسات صارمة، أبرزها فترة الراحة البيولوجية التي تهدف إلى حماية المخزون وضمان استدامة القطاع. كما تعمل السلطات على تشجيع استخدام تقنيات الصيد المسؤول وتطوير تقنيات جديدة لزيادة كفاءة الإنتاج.

صناعة التحويل: رافعة اقتصادية وتنموية

إلى جانب دورها في تعزيز الصادرات، تلعب مصانع السردين دورًا اجتماعيًا وتنمويًا هامًا. فهي توفر فرص عمل للشباب والنساء على وجه الخصوص، مما يساهم في التخفيف من البطالة وتحسين الأوضاع الاجتماعية في المناطق الساحلية.

المستقبل واعد لكنه يتطلب استثمارات مستدامة

مع تزايد الطلب العالمي على السردين المعلب وتوجه المستهلكين نحو الأطعمة الصحية والمستدامة، يبقى أمام المغرب فرصة لتعزيز مكانته كفاعل رئيسي في السوق الدولية. ولتحقيق ذلك، يجب تعزيز البحث العلمي في مجال المصايد البحرية، تحسين البنية التحتية للمصانع، ودعم الصيادين التقليديين الذين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من سلسلة الإنتاج.

السردين المعلب هو أكثر من مجرد منتج غذائي؛ إنه قصة نجاح وطني يعكس قدرة المغرب على تحويل ثرواته الطبيعية إلى مصدر فخر اقتصادي. وبينما يواصل هذا القطاع ازدهاره، يبقى العمل على ضمان استدامته واجبًا على كل الأطراف المعنية.

خاص- البحر24