في حوار خاص أجرته جريدة القدس العربي مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بسط من خلاله الموقف الرسمي للمغرب من إنعكاسات إتفاق الصيد البحري المبرم بين المغرب والإتحاد الإوربي وسبل تلافي أثاره السلبية، كما يبرز كواليس محادثات لشبونة والموقف منها ، بالإضافة للمكاسب من إستعادة المغرب لمقعده بهياكل ومؤسسات الإتحاد الإفريقي وهذه تفاصيل ردود رئيس الحكومة :
قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي أن اتفاقية الصيد البحري لا يجب أن تشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب. هل تخشون من انعكاس ذلك على العلاقة التي تجمعكم مع أوروبا؟
■ نحن نستبعد ذلك، فالاتحاد الأوربي يدرك أهمية العلاقات الاستراتيجية التي تجمعه بالمغرب، سياسيا واقتصاديا، وبالتالي فكما تم التحاور والانتهاء إلى صياغة الاتفاق الحالي، سنعمل على اتفاق أخر. والموقف الرسمي العام في الاتحاد الأوربي ليس ضد المواقف السياسية الواضحة للمغرب في قضية الصحراء وقضية السيادة الوطنية على الرغم من أن المقاربة مختلفة، ولكن النتيجة واحدة، وخصوصا أن هناك جهوداً للأمين العام للأمم المتحدة ولمجلس الأمن في الموضوع. ولذلك نستبعد أن تكون هناك خلافات بيننا وبينهم.
■ ولكن، ألا تخشون من انعكاسات قرار المحكمة الأوروبية؟
■ قرار المحكمة ينطبق على الاتفاق الحالي، وفيه إيجابيات وسلبيات، وهو على كل حال قرار استشاري، كما أنه جزء من مسار في علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي، وليس كل المسار ولا نهايته. إنه إشكال صغير في هذه العلاقات مثل باقي الإشكالات الأخرى التي تجد علاجها في المستقبل.
■ أنتم تعولون على فرنسا وإسبانيا في هذا الموضوع؟
■ معظم الدول الأوروبية مع الموقف المغربي في موضوع الاتفاقية.
■ موضوع الاتفاقية مرتبط بموضوع الصحراء. خلال الشهر المقبل سيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعه السنوي، ويصدر قراره حول مهمة قوات «المينورسو» في الصحراء. ألا تخشون من انعكاس موضوع الاتفاقية على القرار الأممي؟
■ أبداً، لن ينعكس عليه. فالمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء بدأ للتو اتصالاته مع الأطراف، وبالتالي فهو يتلمس الطريق إلى المنهجية التي سيسلكها من أجل حل هذا النزاع الذي طال أمده، ومن ثم لن يكون هناك تغيير كبير في القرار المرتقب لمجلس الأمن عمّا كان عليه في السنوات الأخيرة.
■ لكن المغرب متمسك بمبادرة الحكم الذاتي التي وصفها مجلس الأمن الدولي بكونه حلاً مقبولاً وذا مصداقية، لماذا لا تطبقون هذا المشروع؟
■ نحن نسير في اتجاه تطبيقه. بدأنا تنزيل الجهوية المتقدمة منذ سنتين فقط، وهي تتطور تدريجيا، فهذه الأمور لا تتطور بجرة قلم، إنها بناء يتم على مراحل. هناك اليوم مجالس جهوية منتخبة وذات صلاحيات أكبر من مجالس الجهات التي كانت من قبل، أي قبل دستور 2011، وصلاحياتها ستتطور تدريجيا لتكون أقدر على القيام بأدوارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك، فالمغرب يتفاوض من أجل الاتفاق على الحكم الذاتي، وهو درجة أعلى من درجات الجهوية المتقدمة.
■ بعد عام وثلاثة شهور تقريبا من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، كيف انعكس ذلك على العلاقة مع باقي البلدان الإفريقية؟
■ كان ذلك دفعة قوية في اتجاه علاقات أكثر عمقا وتنوعا وامتدادا مع إفريقيا. هناك ترحيب من مختلف الدول الإفريقية. والمغرب أضحى يقوم بأدوار قوية في الساحة الإفريقية، تفاعلا مع مختلف أشقائه الأفارقة، ودوره داخل الاتحاد الإفريقي سيتقوى تدريجيا، لأن وجود المغرب داخل مختلف مؤسسات الاتحاد الإفريقي لن يأتي بسرعة، وإنما بشكل تدريجي، لكي يتبوأ موقعه الطبيعي داخل أسرته الإفريقية. لكن، اقتصاديا وسياسيا، المغرب اليوم أقوى مما كان عليه من قبل داخل إفريقيا، وهو مسرور بهذا، لأنه يقوم بدور إيجابي في تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا بتفاعل مع إخوانه الأفارقة. ومنذ عودة بلادنا إلى الاتحاد الإفريقي تنوعت الزيارات وتطورت الاتفاقيات وازداد التبادل التجاري والاستثمارات مع عدد من الدول الإفريقية. وأذكر أن المغرب هو منذ سنوات ثاني مستثمر إفريقي في إفريقيا. واستثماراته تتنوع لتشمل مجالات الصناعة الغذائية والدوائية والتحويلية ومجال المعادن والإسكان والطاقة وغيرها.
القدس العربي