
في إطار الرؤية الوطنية الهادفة إلى تعزيز استدامة الثروة البحرية وضمان استغلالها بشكل عقلاني ومسؤول، احتضن مقر كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري يومي الاثنين والثلاثاء 6 و7 أكتوبر اجتماعين موسعين تم تخصيصهما لدراسة التدابير المرتبطة بتهيئة مصايد قطاع الصيد الساحلي بكل من الصيد بالخيط والصيد بالجر. وقد جاء هذان اللقاءان الاستراتيجيان بتعليمات مباشرة من زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، التي تتابع عن كثب تفاصيل هذه الأوراش الكبرى لما تمثله من أهمية قصوى في مسار تطوير القطاع وضمان استدامته.
شهد الاجتماعان مشاركة واسعة لممثلي مختلف الهيئات المهنية العاملة في القطاع، من غرف مهنية وجمعيات تمثل أسطول الصيد الساحلي بمختلف فروعه، مما أضفى على النقاش بعداً تشاركياً غير مسبوق، يجسد توجه الوزارة نحو إشراك الفاعلين الميدانيين كشركاء حقيقيين في صياغة وتنزيل السياسات العمومية الخاصة بتدبير المصايد الوطنية. وقد ترأس الاجتماعين مدير الصيد البحري، الذي أكد في كلمته الافتتاحية على التزام الوزارة، بتوجيه من كاتبة الدولة، بفتح نقاش استراتيجي جاد حول الملفات الكبرى التي تهم القطاع، في أفق بلورة حلول عملية وواقعية.
تخللت الاجتماعين عروض تقنية وعلمية قدمتها مديرية الصيد البحري والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، تناولت الوضعية الراهنة للموارد السمكية على الصعيد الوطني، ومستوى المفرغات، إضافة إلى المؤشرات العلمية المتعلقة بحالة المخزون بالنسبة للأنواع الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية. كما تم تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها المهنيون نتيجة التحولات البيئية والاقتصادية، والتي انعكست على توزيع بعض الأصناف السمكية وعلى فترات تكاثرها، مما يستدعي تكييف أساليب التدبير وفق مقاربة علمية دقيقة ومتكاملة.
وقد شددت الوزارة، من خلال ممثليها، على أن الهدف ليس فقط معالجة المشاكل الآنية، بل إرساء قواعد متينة لإدارة المصايد البحرية وفق مبادئ الاستدامة والعدالة بين الأجيال. وتمت مناقشة مقترحات مهنية مهمة تتعلق بتنظيم جهد الصيد، وتحديد فترات الراحة البيولوجية، وإعادة النظر في بعض مناطق الصيد الحساسة، فضلاً عن تقوية آليات المراقبة والتتبع لضمان احترام القوانين المنظمة للقطاع.
وفي ختام الاجتماعين، تم الاتفاق على إعداد تصور مشترك يضم خلاصة التوصيات والمقترحات العملية، على أن يُعتمد كخطة عمل متكاملة توازن بين حماية المخزون السمكي وضمان استمرارية النشاط الاقتصادي والاجتماعي المرتبط بالصيد الساحلي، الذي يشكل ركيزة أساسية في الاقتصاد الأزرق الوطني.
وقد اعتُبرت هذه اللقاءات بمثابة نقطة تحول استراتيجية في مسار تدبير المصايد البحرية بالمغرب، إذ عكست إرادة سياسية واضحة من كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري لفتح ملفات كبرى طال انتظارها، وإطلاق أوراش إصلاحية حقيقية تقوم على التشاور، والعلم، والمسؤولية، بما يضمن للأجيال القادمة ثروة بحرية مستدامة واقتصاداً بحرياً تنافسياً ومتيناً.
البحر 24 نافذتكم على عالم البحر وشؤونه