يعكس ارتفاع أسعار الذهب عالميًا تحولات اقتصادية كبرى، غالبًا ما تكون مرتبطة بعدم اليقين الجيوسياسي أو بتراجع الثقة في الأسواق المالية، مما يدفع المستثمرين إلى التوجه نحو المعادن الثمينة كملاذ آمن. ورغم أن قطاع الصيد البحري لا يرتبط بشكل مباشر بالذهب، إلا أن لهذا الارتفاع انعكاسات غير مباشرة قد تؤثر على كلفة تشغيل السفن، وأسعار المواد المستعملة في تجهيز الموانئ، وحتى على مكونات سلاسل التوريد البحرية.
فالذهب، باعتباره مؤشراً عاماً على حالة الاقتصاد العالمي، يترافق ارتفاعه غالباً مع تذبذب أسعار المحروقات والمعادن الصناعية، ما يؤدي إلى تقلبات في تكلفة الوقود البحري، الذي يُعد عنصراً أساسياً في ميزانية أي مركب صيد. وكلما ارتفع سعر النفط أو تذبذب، ارتفعت معه كلفة رحلات الصيد، ما يضع البحارة وأرباب السفن في مواجهة مباشرة مع تحديات مالية متزايدة.
كما أن ارتفاع أسعار الذهب قد ينعكس على المواد الأساسية لصناعة وصيانة السفن، مثل النحاس والحديد والفولاذ، والتي تعرف بدورها ارتفاعًا نتيجة ارتباطها بأسعار المعادن العالمية. وهذا يعني زيادة في كلفة بناء السفن الجديدة أو صيانة القديمة، ما قد يؤثر على وتيرة تجديد الأسطول الوطني.
أما على مستوى البنيات التحتية المينائية، فإن تقلبات أسعار السلع الأساسية والمعادن قد تؤثر على كلفة المشاريع الاستثمارية بالموانئ، سواء تعلق الأمر بتوسعة الأرصفة أو تحديث وسائل الرفع والتخزين، ما يجعل ميزانيات الاستثمار في هذا القطاع رهينة بظروف اقتصادية دولية خارجة عن إرادة الفاعلين المحليين.
وفي هذا السياق، يصبح من الضروري أن يتوفر لدى مؤسسات الصيد البحري رؤية استباقية تأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات الدولية، خاصة حين يتعلق الأمر بوضع ميزانيات أو تقييم جدوى المشاريع، لضمان استدامة القطاع وقدرته على التكيف مع التحديات العالمية المتغيرة.
خاص- البحر24