قاع أسراس.. كلاب ترتع بسوق للسمك ونفايات تحاصره!

تم بناء سوق السمك في قاع أسراس، التابع لجماعة تزكان بإقليم شفشاون، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف تحسين ظروف بيع الأسماك وتنظيم النشاط التجاري في المنطقة. لكن رغم مرور السنوات، لا يزال السوق في وضع عشوائي يعكس غياب التسيير الفعّال والإهمال من قبل الجهات المسؤولة، مما حوله إلى فضاء غير صحي يضر بالباعة والمستهلكين على حد سواء.

بدلًا من أن يكون هذا السوق مرفقًا حديثًا  حسب حميد السرغيني مستشار جماعي وعضو غرفة الصيد البحري المتوسطية يلبي معايير الصحة والسلامة، فإنه يفتقر إلى أبسط التجهيزات، حيث لم يتم وضع أبواب لحمايته، مما جعله مفتوحًا أمام الكلاب الضالة التي تتجول داخله ليلاً، تاركة مخلفاتها وسط مكان يُفترض أن يكون مخصصًا لبيع الغذاء. هذا الوضع لا يُشكّل فقط خطرًا صحيًا، بل يسهم في تدهور صورة السوق، مما يؤثر على الإقبال عليه.

إضافةً إلى غياب الأبواب، يعاني السوق من انعدام نظام الصرف الصحي، مما أدى إلى تراكم المياه العفنة وانتشار الروائح الكريهة. والأخطر من ذلك، أن الماء تم قطعه عن السوق بالكامل، مما يمنع الباعة من تنظيف أماكنهم أو غسل الأسماك بطريقة صحية، وهو ما يزيد من المخاطر الصحية على المستهلكين.

المفارقة أن قاع أسراس معروفة بأسماكها الطازجة ذات الجودة العالية، التي تُعد من بين الأفضل في المنطقة، لكن السوق الذي يُفترض أن يكون واجهة لهذه الثروة البحرية أصبح مكانًا غير لائق، ما يضر بالتجار المحليين الذين يعتمدون على هذا النشاط في معيشتهم. في ظل هذه الظروف، يُطرح السؤال: كيف يمكن لسمك ممتاز أن يُباع في سوق بهذه الحالة الكارثية؟

ورغم أن القانون التنظيمي 113.14، وخاصةً المادة 83، ينص على مسؤولية الجماعة في “إحداث وصيانة وتنظيم الأسواق الجماعية”، إلا أن السوق لا يزال يسوده العشوائية، حيث لا توجد تراخيص واضحة لتنظيم الباعة، ولا رقابة صحية على الأسماك المعروضة، مما يفتح الباب أمام المخاطر الصحية والتسيب الإداري. كما أن المادة 100 من نفس القانون تمنح رئيس الجماعة صلاحيات مباشرة لتنظيم السوق وضمان شروط النظافة والسلامة، لكن ذلك لم يُطبَّق على أرض الواقع.

هذا السوق يحتاج إلى إصلاح شامل يعيد له وظيفته الأساسية كمكان منظم لبيع السمك بطريقة صحية وآمنة، ويليق بجودة المنتجات البحرية في المنطقة. الحلول الضرورية تشمل: إعادة تزويد السوق بالماء فورًا، لأن قطعه يُشكّل خطرًا على الصحة العامة. تركيب أبواب وإصلاح البنية التحتية لحمايته من العشوائية والكلاب الضالة. تنظيف السوق بشكل دوري، وإنشاء نظام صرف صحي يمنع تراكم المياه العفنة. تنظيم الباعة ومنحهم تراخيص قانونية، لضمان تجارة منظمة وآمنة. فرض رقابة صحية صارمة على الأسماك، لتفادي أي مخاطر على المستهلكين.

سوق السمك في قاع أسراس هو مشروع تنموي مهم لكنه ضحية التسيير العشوائي. السؤال المطروح الآن: هل ستتحرك الجماعة المحلية والجهات المسؤولة لإنقاذه، أم أن الإهمال سيظل سيد الموقف؟

شاهد أيضاً

منع مؤقت لصيد أصناف بحرية بالمنطقة المتوسطية عرض “رأس الشوكات الثلاث” ل 10 سنوات

  أصدرت كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *