
غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى بأكادير تواصل تحقيق أرقام مالية مثيرة حسب ما تم الإعلان عنه خلال دورتها العادية صباح اليوم الخميس، حيث أعلنت عن فائض مالي ضخم بلغ 60 مليون درهم. ورغم هذا الإنجاز الرقمي، تبقى التساؤلات قائمة حول مردودية هذه الفوائض على قطاع الصيد البحري والمهنيين الذين يمثلون العمود الفقري لهذه الغرفة، أم أن الغرفة باتت تسير بمنطق الشركة الربحي؟
لماذا تغيب الاستثمارات التي يمكن أن تعزز البنية التحتية للصيد البحري وتدعم المناطق الساحلية؟ لماذا لم نشهد إنشاء ملحقات تابعة للغرفة في مناطق مثل سيدي إفني، تزنيت، وطانطان؟ ألا تستحق هذه المناطق ذات النشاط البحري الحيوي تمثيلاً يليق بمساهماتها في القطاع؟ أم أن الغرفة ترى نفسها محصورة داخل دائرة أكادير فقط، وكأن هذا المجال الشاسع والمليء بالتحديات لا يتجاوز حدود المدينة؟
إن ما يثير الاستغراب حقًا هو صمت الغرفة تجاه توصيات المجلس الأعلى للحسابات، الذي أدرجها ضمن الغرف “شبه النائمة”، موجهًا انتقادات واضحة لضعف مساهمتها التنموية. فبدلًا من العمل على تفعيل هذه التوصيات وتحويلها إلى مشاريع ملموسة تخدم القطاع البحري، نجد الغرفة تتفاخر بتحقيق فائض مالي كبير، وكأن هذا الرقم وحده دليل نجاحها.
السؤال الذي يجب أن يُطرح: ما الفائدة من فائض مالي ضخم إذا لم يُترجم إلى استثمارات تُحسن ظروف المهنيين وتنمي القطاع البحري؟ هل ستكتفي الغرفة بإعادة هذه الأموال إلى خزينة الدولة للافتخار بأنها حققت رقماً قياسياً دون أثر فعلي على الأرض؟
غرف أخرى، مثل غرفة الصيد المتوسطية، أظهرت ديناميكية من خلال إنشاء ملحقات ومكاتب جهوية في مناطقها كملحقة الحسيمة والناظور لإشراك كل المهنيين في التسيير والتدبير، مما يعزز تمثيلية المهنيين ويقربهم من مراكز القرار.
فلماذا تبقى غرفة أكادير عاجزة عن اتخاذ خطوات مشابهة؟ أليس من حق المناطق الجنوبية مثل سيدي إفني وطانطان أن تحظى بمكاتب ملحقة تخدم احتياجاتها وتواكب تطلعات المهنيين فيها؟
قطاع الصيد البحري في المنطقة يعاني من تحديات كبيرة تتطلب قيادة فعالة ومبادرات جريئة، كما أن هذه المناطق هي من ربوع صحراء المملكة، وتحتاج إلى إرادة تنزل الخطابات الملكية للأرض الواقع، لمشاركة قطاع الصيد البحري في الدبلوماسية الموازية.
الغرفة بحاجة إلى استثمار فوائضها المالية في مشاريع ملموسة تخدم القطاع وتعيد الاعتبار لدورها التمثيلي. استمرار الوضع الحالي ليس فقط تقصيرًا في أداء مهامها، بل هو أيضًا تجاهل لواجبها تجاه المهنيين الذين ينتظرون دعمًا حقيقيًا.