تقارير “البحر24”: خياطي الشباك بالموانئ كرمز للتراث البحري بالمغرب ينتظرون الالتفاتة!

تُعتبر مهنة خياطة الشباك بالموانئ واحدة من الحرف التقليدية التي تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا وثقافة غنية. هؤلاء الحرفيون، الذين يقضون ساعات طويلة تحت الشمس الحارقة، يُعدون من الأعمدة الأساسية في صناعة الصيد، حيث يقومون بتصنيع وصيانة الشباك التي تُستخدم في صيد الأسماك.

ورغم الأهمية الحيوية لهذه المهنة، يواجه خياطو الشباك العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد استمراريتها.

تتطلب مهنة خياطة الشباك مهارات عالية وصبرًا كبيرًا. فتصميم الشباك يختلف بحسب نوع الصيد المستهدف، ويتطلب ذلك فهمًا عميقًا لخصائص البحر وأساليب الصيد.

ومع ذلك، فإن هذه المهارات لا تضمن دائمًا دخلًا جيدًا، إذ يعاني الكثير من خياطي الشباك من ضعف المداخيل، وهو ما يؤثر سلبًا على جودة حياتهم. فمع تراجع الطلب على الشباك التقليدية بسبب تطور تقنيات الصيد، أصبحت المنافسة شديدة، ما أدى إلى تقليص الفرص الاقتصادية المتاحة.

علاوة على ذلك، يعاني خياطو الشباك من إكراهات اجتماعية متعددة. فالكثير منهم ينحدرون من عائلات فقيرة، مما يجعلهم يعتمدون على هذه المهنة كمصدر أساسي للدخل.

وفي ظل غياب الدعم الحكومي، يواجه هؤلاء الحرفيون تحديات كبيرة في تأمين احتياجات أسرهم. يُضاف إلى ذلك أن الظروف البيئية، مثل ارتفاع درجات الحرارة والعوامل المناخية، تُزيد من صعوبة العمل، مما قد يؤدي إلى تأثيرات صحية سلبية على العمال.

رغم هذه الإكراهات، يتمسك خياطو الشباك بشغفهم لهذه الحرفة.

فهم لا يرون في عملهم مجرد وسيلة لكسب العيش، بل يُعتبرون أنشطة صون التراث الثقافي. ولذلك، فإن هناك حاجة ملحة لتسليط الضوء على أهمية هذه المهنة ودعمها. يمكن للمجتمعات المحلية والجهات الحكومية أن تلعب دورًا فاعلًا في تحسين الظروف المعيشية لهؤلاء الحرفيين، من خلال توفير الدعم الفني والمالي وترويج المنتجات اليدوية التي يصنعونها.

استدامة مهنة خياطة الشباك ليست فقط مهمة للحرفيين أنفسهم، بل هي أيضًا ضرورية للحفاظ على الهوية الثقافية البحرية.

فالشباك ليست مجرد أدوات صيد، بل هي رمز من رموز التراث الغني الذي يمتد لقرون. إذا أردنا أن نستمر في رؤية هذه الحرفة تزدهر، يجب علينا جميعًا أن نكون جزءًا من الحل، من خلال تعزيز الوعي بأهمية هذه المهنة ودعم أصحابها في مواجهة التحديات التي تعترض طريقهم.

و يمثل خياطي الشباك بالموانئ أكثر من مجرد عمال؛ إنهم حماة لتراث بحري عريق، ويجب أن يتذكر الكل دائمًا أن استدامة هذه المهنة ليست مسؤولية فردية، بل هي واجب جماعي. من خلال الالتفات إليهم وتقدير جهودهم، يمكن المساهمة في الحفاظ على هذه الحرفة للأجيال القادمة وضمان استمرارية التراث البحري الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتنا.

خاص- البحر24

شاهد أيضاً

تقارير “البحر24”: التصدي لصيد صغار الأسماك أصبح ضرورة ملحة لإنقاذ السواحل المغربية!

  تُعتبر قضية صيد صغار الأسماك بمكان توالدها من التحديات الكبرى التي تواجه البيئة البحرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.