في الوقت الذي تتسارع فيه التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه القطاع البحري المغربي، تُسجل وزارة الصيد البحري غياباً مؤسفاً عن تلبية مقترحات ومشاريعها في الأصل منها ما اقترحته غرفة الصيد البحري المتوسطية المتعلق بتطبيق نظام “الزونينغ”. هذا التراجع يُبرز بوضوح عدم الاستجابة من جانب الوزارة لمبادرات تهدف إلى حماية الثروات البحرية وضمان استدامتها.
لنعد إلى يوم الأربعاء 31 ماي 2023، حيث احتضن معهد التكنولوجيا للصيد البحري بالعرائش يوماً تواصلياً حول “التنطيق”، الذي نظمته غرفة الصيد البحري المتوسطية تحت شعار “دور الزونينغ في المحافظة على الثروات البحرية”. وكان الهدف من هذا اليوم هو عرض تفاصيل المشروع الطموح الذي يتطلع إلى استعادة المخزونات القاعية، التي باتت في معظمها عرضة للاستغلال المفرط، وحماية الإنتاجية البيولوجية المحلية من تأثيرات زيادة مجهود الصيد.
العروض المقدمة خلال هذا اللقاء كانت شاملة ودقيقة، حيث تناولت مدى أهمية تطبيق نظام “الزونينغ” لتقسيم المناطق البحرية وإدارتها بطريقة أكثر فعالية. يشمل هذا النظام تحديد مناطق معينة للأنشطة البحرية المختلفة، بما في ذلك مناطق للصيد، وأخرى محمية، لضمان توازن بيئي يحافظ على الثروات البحرية ويعزز استدامتها.
رغم الجهود الكبيرة التي بذلها أعضاء غرفة الصيد البحري المتوسطية والمهنيين المحليين عاملة، في شرح فوائد هذا المشروع والضغط من أجل تطبيقه، يبدو أن وزارة الصيد البحري قد اختارت تجاهل المقترحات القيمة والمهمة التي طرحت. لم يَظهر أي تجاوب ملموس من الوزارة، ما يثير تساؤلات حول مدى اهتمامها الحقيقي بمستقبل الثروات البحرية الوطنية وسبل الحفاظ عليها.
إن تجاهل وزارة الصيد البحري لمقترحات غرفة الصيد البحري المتوسطية ليس مجرد تقصير في أداء الواجب، بل هو إغفال لفرصة ذهبية من شأنها أن تسهم في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، وحماية البيئات البحرية من الاستنزاف المفرط. عدم التجاوب مع هذا المقترح يشير إلى خلل واضح في استراتيجيات الوزارة وعدم استعدادها لمواجهة التحديات البيئية الجادة التي تهدد الثروات البحرية.
إذا لم تُبادر الوزارة إلى تبني نظام “الزونينغ” الذي قدمته غرفة الصيد البحري المتوسطية، فإن تبعات هذا التقاعس ستنعكس سلباً على مستقبل قطاع الصيد البحري في المغرب. الاستمرار في تجاهل المقترحات الرامية إلى تحسين إدارة الثروات البحرية لن يؤدي إلا إلى تفاقم مشكلات الاستغلال المفرط وتهديد الموارد البحرية، مما قد يعرض الاقتصاد الوطني والبيئة البحرية لخطر جدي. من الضروري أن تستفيق وزارة الصيد البحري من سباتها وتستجيب لدعوات الإصلاح والتحديث، قبل فوات الأوان.
يذكر أن اللقاء حينها كان قد عرف حضور إلى جانب أعضاء وأطر غرفة الصيد البحري المتوسطية، مدير و الأطر الادارية التابعة معهد التكنولوجيا للصيد البحري بإعتباره الجهة التي إستقبلت النشاط، ثم كل من ممثلي المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ومندوب الصيد البحري بالعرائش، ومندوب المكتب الوطني للصيد البحري يالعرائش، ورئيس مجلس الاتقان، وممثلي وأعضاء غرفة الصيد البحري المتوسطية، ورئيس جمعية ارباب مراكب الصيد الساحلي ، وربابنة و بحارة الصيد البحري بميناء العرائش.
رأي المحرر